يقدم المؤلف محاولة لدراسة نفسية الإنسان المتخلف، ويشرح في المقدمة كيف أن وجود الإنسان المتخلف يتلخص في وضعية مأزقية يحاول في سلوكه وتوجهاته وقيمه ومواقفه مجابهتها، ومحاولة السيطرة عليها بشكل يحفظ له بعض التوازن النفسي، الذي لا يمكن الاستمرار في العيش بدونه. هذه الوضعية المأزقية هي أساساً وضعية القهر الذي تفرضه عليه الطبيعة التي تفلت من سيطرته وتمارس عليه اعتباطها، وعلاقة القهر والرضوخ هذه تجاه الطبيعة تضاف إلى قهر من نوع آخر، قهر إنساني.
إن تجاهل كون المتخلّف على المستوى الإنساني، كنمط وجود مميز، له ديناميته النفسية والعقلية والعلائقية النوعية – أوقع دارسي التخلف وعلماء التنمية ومِن ورائهم القادة السياسيين الذين يقررون عمليات التغيير الاجتماعي في مآزق أدت إلى هدر كثير من الوقت والجهد والإمكانات المادية
نبذة النيل والفرات:
تقوم هذه المحاولة منهجياً على الملاحظة والتحليل النفسي والاجتماعي للظواهر المعاشة. وهي تدخل في إطار علم النفس الاجتماعي العيادي، الذي يدرس الظواهر النفس اجتماعية بالطريقة العيادية، وقد يطرح كونها لا تستند إلى أبحاث ميدانية أو تجريبية محددة بدقة، بعض ظلال من الشك حول درجة اليقين التي تتمتع به نتائجها، ذلك صحصح ولا شك على أن الغاية من هذه المحاولة ليست الوصول إلى نتائج نهائية، فهذه تحتاج إلى أبحاث طويلة النفس.
إن ما تهدف إليه، هو كتابة نوع من المدخل إلى علم نفس التخلف، وإسهامه الغني جداً بالنتائج التي تكمل الدراسات الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة. قيمة هذه المحاولة الأساسية، هي طرح منهجية نفسية لدراسة الإنسان المتخلف، وإسهامه الغني جداً بالنتائج التي تكمل الدراسات الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة. قيمة هذه المحاولة الأساسية، هي طرح منهجية نفسية لدراسة الإنسان المتخلف، بمختلف خصائصه الوجودية. هذه المنهجية تبين، بلا شك أن هذا الوجود متماسك في ظواهره على تنوعها وتشتتها، وهو ينتظم في بنية دينامية، هي وضعية الإنسان المقهور.
هذه المحاولة بما يعتورها من ثغرات، تطمح إلى فتح الطريق أمام أبحاث نفسية ميدانية، تحاول فهم الإنسان المتخلف بنوعيته وخصوصيته وضعه، وبشكل حي وواقعي، لتكون مرتكزات علم نفس التخلف، بذلك وحده يمكننا أن نضع أخيراً حداً لإلباس هذا الإنسان القوالب النظرية، والتفسيرات الموضوعية لإنسان العالم الصناعي، والتي أدت إلى تعميمات متسرعة كانت نتيجتها أنها حادت عن غرضها المعرفي، نظراً لما تحمله من خطر إخفاء وطمس الواقع الحقيقي. تكون هذه المحاولة قد حققت غايتها، إذا تمكنت معطياتها من اتخاذ طابع الافتراضات العملية، التي تطلق أبحاثاً ميدانية تتمتع بالدقة والعمق الكافيين، لفهم واقع إنساننا العربي.
Leave a Reply