على مدى عقود طويلة، بدت الدول العربية وكأنما استطاعت أن تؤسس لمشروعها الوطني ضمن هوية موحدة صمدت في وجه كثير من التحديات والاختبارات، حتى أن سياسيين ودارسين تجرأوا على إطلاق لقب “أمة” على بعض الشعوب.

في تلك الفترة، كان يمكن القول إن الدول عاشت ضمن هوية واحدة استقطابية في كثير من الأحيان. لكن الأساس في ذلك الاستقرار الوطني تأتى من استقرار الدولة الوطنية وقوتها، ما جعلها تفرض هويتها الجمعية على كل المكونات المجتمعية داخل حدودها، مشكلة، في حالات كثيرة، ما يشبه الوجدان الجمعي لدى مواطنيها.

غير أن الامتحان الحقيقي لتماسك المجتمعات العربية بدأ باحتلال العراق وخلخلة البنى الاجتماعية في المنطقة كلها، إضافة إلى صعود التيارات الدينية المتطرفة التي اقترحت هوية خاصة بها استطاعت استقطاب آلاف الشباب في تنظيماتها التي عبّرت من خلالها عن رغبة في اقتراح شكل للوحدة على أساس الدين.

ومع تفجّر أحداث ما يسمى “الربيع العربي”، بدأ الضعف يدب في السلطة المركزية لكثير من الدول، ما أدى إلى فوضى عارمة تجتاح تلك الدول، أدى إلى صعود العنف وازدهار الجريمة والخروج على القانون.
في تلك الفترة، بحث الجميع عن مظلة للاحتماء، فكان الالتجاء إلى القبيلة أو الحزب أو الطائفة أو القومية، أو غيرها من التجليات الأشد ضيقا وبدائية. وبدأت سلطة الدولة بالتحلل والتلاشي كما كان الحال في العراق وسورية وليبيا واليمن وتونس، ما فتح المجال لتدخلات أقليمية ودولية، أدت في النهاية إلى تهديد لكامل النظام العربي.
في محاضرته المقبلة، يطرح الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور محمد أبو رمان رؤيته لمدى تأثير صعودات الهويات في إضعاف الدولة الوطنية، وبالتالي التأثير بشدة في الأمن القومي العربي ككل، وجعله مهددا بأكثر من صورة.

أصدقاء منتدى عبد الحميد شومان، كونوا معنا في السادسة والنصف من مساء الإثنين 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2017، في محاضرة للدكتور محمد أبو رمان بعنوان “الهويات والأمن القومي العربي”، يقدمه فيها ويدير الحوار مع الجمهور وزير الخارجية الأسبق الدكتور عبد الإله الخطيب.

*الدعوة عامة.